قصة نادر محمد النزلي

“ابي، نادر محمود النزلي ، كان يعمل بتلفزيون فلسطين ، دائرة الديكور، كان شخص مكافح، ذو قلب حنون، أب لتسعة أطفال.   في تاريخ 16 نوفمبر، حينما بدأ الاحتلال بالدخول البري إلى منطقتنا بشكل همجي ووحشي.  قاموا بعمل حزام صاروخي ناري من ساعات الفجر حتى ساعات شروق الشمس”. 

“ثم بعد هدوء لم يتجاوز النصف ساعة، قاموا برمي قذائف من دبابة  وفي كل لحظة كنا نشعر بأنها النهاية، كنا نشعر بأنها اللحظات الأخيرة التي نتشاهد بها على قلوبنا وأرواحنا. في وسط هذا الهجوم الوحشي، شتات وضياع، ولم نعلم ما الصحيح والواجب فعله. قال لي أبي رحمه الله: “اذهبوا إلى بيت جدكم”.

” لم أنظر لوجهه من الرعب الذي نعيشه وفي حالة هول وذعر هربنا من البيت، والقذائف فوق رؤوسنا، وخرج أبي ليؤمّن مكانًا لعائلته. خرج بسرعة كما تروي عمتي وإذًا بصاروخ أو قذيفة لم ندري، أصابته وإذا به يصرخ ويئن يريد النجدة. قامت عائلة عمي وزوج عمتي بانتشاله، وقد كان ملقى في بركة ماء مختلطة بدم طاهر”.

” قاموا بإدخاله إلى عتبة أدراج وجلس ينزف وينزف، وبينما هم كذلك إذ بالدبابات تصل إلى المكان،  ودبابة تجرف البيوت قربهم . كان يقول لهم: “هل أخبرتم بناتي؟ هل علموا بالذي حل بي؟ اسعفوني، اسعفوني”. ولكن ما باليد من حيلة “

” ثم بعد ليلة سوداء، يوم الجمعة 17 من نوفمبر الساعة التاسعة صباحًا، وقد كان لأبي 22 ساعة وهو ينزف، إذ خرجت عائلتي هربًا من الموت المحتم، ولم يبقى مع أبي إلا عمي وعمتي وزوجها، وقاموا بإحضار عربة البناء ووضعوا أبي عليها حتى وصلوا إلى بيت مفتوح خالي من السكان واجلسوا أبي على عتبة  وسألوه عن رقم أمي ليتواصلوا معها وليعلموها”

“كان قد بدأ يردد أول ثلاثة أرقام ثم يتلعثم، وهكذا ويتلعثم أخرى، ثم بعد هذا فقد الوعي ولم يعلموا ماذا يفعلوا عاجزين وخائفين. وإذا يفارق الحياة.  ثم ذهبوا ليكملوا مسيرتهم وينجوا بأنفسهم من الموت وأغلقوا عليه باب البيت ، لقد غادر الحياة جالسًا على عتبة الدرج من صباح الجمعة حتى صباح الاثنين حتى هدأت الأوضاع قليلا، وقاموا بدفنه”.

رسالة كتبتها ابنته اسمهان الموجودة في ظروف صعبة في صبرا في شمال غزة وبعثتها برسالة (ٍٍSMS) لصديقتها لترسلها لنا نظرا لانقطاع الانترنت هناك.